اكثر من شربل


17-4-1988
العزيز وقرة العين شربل بعيني
مودة طيبة، أطيب من المن الصباحي..
استلمت رسالتك مع كتابين (ألله ونقطة زيت) و(شربل بعيني بأقلامهم ـ رقم 3)، وشكراً مع فائق امتناني.
إنك دينمو استمراري، إنك جزء حي من حركات الفعل. بارك الله فيك، وأخذ بيدك. تعمل، وكأنك أكثر من شربل، وتقف على ضفة النهر، فإذا أنت وحدك، وإنما رجل الدنيا وواحدها من لا يعوّل على رجل.
نبضك سيتحول إلى أنباض. .
أصابع يدك أكثر من خمسة..
تعمل كخلية نحل، غير مبالٍ ولا هياب.
بوركت، ومباركة هي غلال انتاجك. قمحك مبارك، وبيادرك حل فيها أكثر من ملاك ليسامر امرأة منوح.
ألله ونقطة زيت، وجدانيات، مع وجودية صارخة، ونقد لله، وليسوع، وللإنسان، ولولا نقد عمر الخيّام، ما تزوقنا شعره، وتقبلناه بهذه الرحابة العالمية.
وتستطيع أن تنتقد الله، وتعارض يسوع، لكنك لا تستطيع أن تنتقد راهباً أو راهبة، أو قسيساً. رجاء حاول أن تبتعد عن ممارسة العنف في قصائدك.
لكن أدبيات (الزجل) أكثر حرية من الشعر الكلاسيكي، واللبناني، يغرق بحر الله باعتراضاته وشكوكه وتأوهه.
اكتب، اكتب، اكتب.. الجالية في كل مكان تتنفّس من (رئة واحدة) والأديب يتنفس برئتين، ويجعل القارىء يحس بحرية الراحة، وهو يلتهم قصيدة في غربته. ولولا الشاعر لكانت سماء الاغتراب بلا مطر ولا غيوم ولا سحب. الشاعر وحده يجعل القارىء أن يحس وكأن السماء قد ازدادت زرقة جمالها، وبانت أخاذة ورائعة.
هل تعلم أن الشعراء سيحكمون هذا العالم؟
زمن يتعب فيه صوت البندقية، ويختفي من مجالس الناس السيف، والخنجر، والسكين، وحده الشاعر يستطيع أن يوحّد طبائع الحيوانات في طبع واحد، فينام الدب مع الحمل، والأسد مع الثور.
إذاً مباركة هي شفرتي يراعك، وأرجو لك الاستمرارية والعطاءات الكثيرة، وأن لا يغريك صوت الدرهم، لئلا يقال عنك ما قاله المعري:
وما أشقى من راغب في ازدياد
لتظل يدك على سكة الفدان، واحذر أن تتراجع، ونحن بكل هواجسنا معك.

الأب يوسف سعيد
**